مقالات وآراء

الازمة السورية وسبل الخروج منها للمجلس الدولى لحقوق الانسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية .. بقلم محمد محمود الجمسى

مازالت سوريا يوما بعد يوم تقدم المزيد من الجماجم والدماء والأرواح والشهداء والأشلاء في معركة من أشرس المعارك وأشدها ضراوة طالت آثارها كل بقعة من الأراضي السورية، بل و امتدت إلى خارج حدود الوطن السوري إلى الدول المجاورة. فعلى الرغم من بدء الاحتجاجات في سوريا سلمية كغيرها من دول الربيع العربي حينئذٍ إلا أنه حدث تغير دراماتيكي في المشهد وتحول من مشهد سياسي وأزمة سياسية إلى مشهد عسكري موصوم بالعنف بالتوحش، وتدريجيا بدت هناك محاولات لتخطي المطالب الحقيقية التي اندلعت من أجلها الثورة الشعبية ألا وهي: الحرية و العيش الكريم وبناء دولة ديموقراطية غير أمنية على أسس وقواعد قانونية سليمة لا عرقية ولا دينية.

و برفض جميع الأطراف تبني وجهة النظر الأخرى وإصرار كل طرف على موقفه، ازدادت الوضاع تعقيدا خصوصا مع المطامع المحدقة من كل جانب، مع سعى الكثير لاقتناص نصيبه من الكعكة السورية. و كل هذا أمام عجزالمجتمع الدولي على اتخاذ قرار حاسم و موقف صارم من الأزمة السورية بسبب النظم السياسية والقانونية العتيقة التي تحكم السيطرة على المجتمع الدولي. وكذلك عجز الجامعة العربية والوساطات الإقليمية والدولية وصعوبة تطبيق أيا من السيناريوهات التي تؤمن الخروج السريع من الأزمة لكثرة العراقيل؛ نظرا لأهمية سوريا الجيوسياسية و مدى تأثيرها على الدول المحيطة بالإضافة إلى التركيبة الديموغرافية المعقدة.

و لكن استمرار الانزلاق السوري نحو العنف مع عدم وضع حدا أمام هذه الخروقات والانتهاكات يدفع المنطقة كلها نحو الهاوية ويشدها شداً نحو الاشتعال والانحراط في مواجهات عسكرية لا تنتهي مع فقدان القدرة على التحكم في تجارة السلاح، و أيضا السقوط في بئر من الفشل والأعباء الاقتصادية التي لا تؤثر على سوريا وحدها، بل على الدول المحيطة كذلك و هو مايحدث حاليا مع تعرض اللاجئين السوريين لشظف العيش و قلة الرعاية الصحية وانتشار الأمراض و حرمان أطفال كُثُر من التعليم مع ارتفاع معدلات البطالة و نسب المعاقين و الثكالى والأيتام.

فعلى كل القوى السورية الوطنية أن تدرك مدى حساسية الموقف الحالي وتتخلى عن عنادها، وتؤمن أن الحل الأمثل هو الحل الدبلوماسي السريع الذي يمس حياة السوريين مباشرة، فإن كانت هناك وظيفة للسياسة فلا شك أن هذه الوظيفة هي إدراك الواقع الفعلي وعدم الغرق في أحلام تفتقد الأسس الواقعية، متجاهلة مايلاقيه السوريون أطفالا وشبابا و نساء من أهوال إن كانوا بالداخل السوري أم خارجة.

 إضاءات

المبادرات السابقة لحل الأزمة السورية :

هي عدة مبادرات أطلقتها أطراف دولية وإقليمية و منظمات كجامعة الدول العربية والأمم المتحدة و غيرها و لكن كلها باءت بالفشل وانتهت تماما نظرا لتعنت الأطراف المشاركة أو انحياز بعض المبادرات لطرف دون الآخر أو عدم وجود آلية واضحة للتنفيذ … الخ • جهود الجامعة العربية:

مبادرة لوقف إطلاق النار وبعثة المراقبين العرب برئاسة الجنرال السوداني محمد الدابي لمراقبة الوضع الإنساني في سورية على خلفية حركة الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد. وفشلت المبادرات لعدم وجود آلية واضحة للتنفيذ، وأيضا عدم جاهزية الجامعة العربية لمثل هذا العمل. و تم تعليق أعمال البعثة لعدم جدوتها و عدم التزام النظام السوري بها، و تبع هذا المزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية.

• جهود مجلس الأمن في حل الأزمة السورية

بناء على طلب الجامعة العربية من مجلس الأمن استصدار قرار ضد النظلم السوري و دعم خطة لحل الأزمة السورية وتنحي الأسد، إلا أنه تم إعاقة إصدار القرار أكثر من مرة بسبب الفيتو الروسي والصيني. أما بالنسبة للجمعية العامة فقد تم الاتفاق على قرار لحل الأزمة رغم معارضة بعض الدول ومنها روسيا والصين إلا أن القرار كان كأن لم يكن بسبب عدم تمتع قرارات الجمعية العامة بالإلزامية القانونية.

• مبادرات أطلقتها روسيا

روسيا -حليفة النظلم السوري- أطلقت مبادرات للحل السياسي، و لكن باعتبارها طرف غير محايد في وجهة نظر المعارضة السورية فقد قوبلت مبادراتها بالرفض نظرا لإصرارها على بقاء الرئيس الأسد بشخصه كرئيس للبلاد وتعنتها في الاعتراف بالأطراف الأخرى • مبادرة أصدقاء سوريا وتم فيها الاعتراف رسميا بالمجلس الوطني السوري “المعارض” ممثلا للشعب السوري • محاولات كوفي عنان و من بعده الأخضر الإبراهيمي و هما مبعوثا الأمم المتحدة، لم يكونا أسعد حظا من باقي المبادرات، فلم يستطع أي منهما وقف إطلاق النار أو إطلاق الحوار السياسي، وإن كان هناك أمل للأخضر الإبراهيمي في جنيف 2 في حالة اتفاق جميع الأطراف الائتلاف الوطني السوري (باعتباره ممثلا عن الشعب السوري معترف به دوليا):

هو ائتلاف لمجموعات معارضة سورية في الثورة السورية، تشكل الائتلاف في الدوحة، قطر في نوفمبر 2012. انتخب الداعية معاذ الخطيب، إمام المسجد الأموي في دمشق سابقا رئيسا للائتلاف. كما انتخب كل من رياض سيف وسهير الأتاسي نائبين للرئيس، ومصطفى صباغ أمينا عاما. يتكون الائتلاف من 63 مقعدا، ويمثل أعضاؤه معظم قوى المعارضة، فمن أعضاء الائتلاف: المجلس الوطني السوري والهيئة العامة للثورة السوريةولجان التنسيق المحلية والمجلس الثوري لعشائر سوريا، ورابطة العلماء السوريين، واتحادات الكتاب، والمنتدى السوري للأعمال، وتيار مواطنة، وهيئة أمناء الثورة، وتحالف معا، والكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، والمكون التركماني، والمكون السرياني الآشوري ، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر الديمقراطي، والمجالس المحلية لكافة المحافظات، إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية وممثل عن المنشقين السياسيين. في 12 نوفمبر، اعترفت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان) بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري، وسحبت اعترافها بحكومة بشار الأسد. وبعد بضع ساعات، اعترفت دول جامعة الدول العربية باستثناء الجزائر والعراق ولبنان بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري.

يحظى الائتلاف باعتراف دولي من أربعة وعشرين دولة على الأقل.

أهداف الائتلاف :

يهدف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى تشكيل جسم إداري وتنفيذي لتحقيق الأهداف التالية:

• توحيد دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية والجيش الحر.

• إنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي.

• إنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية.

• تشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي.

 للائتلاف عدد من السفارات في بعض الدول، مثل: ألمانيا، تركيا، فرنسا، قطر، دول مجلس التعاون الخليجي، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكةالمتحدة.

 يرأس الائتلاف الآن: الشيخ أحمد الجربا

المعارضة السورية

– معارضة في الخارج ويمثلها في الائتلاف الوطني السوري… غالبا ما تتهم من الدول الغربية بأنها معارضة غير منظمة و غير موحدة

– معارضة في الداخل من أهم رموزها هيثم مناع و قدري جميل وغيرهما

القوات المتنازعة عسكريا على الأراضي السورية:

– الجيش النظامي

– قوات من حزب الله اللبناني: يدعم النظام السوري

– الحرس الثوري الإيراني: يدعم النظام السوري

– الجيش الحر: الذي أسسه المقدم حسن هرموش بعد أشهر من اندلاع الثورة

– كتائب المجاهدين “كما يطلقون على انفسهم” الذين ينتمي معظمهم إلى الفكر الجهادي السلفي و تنظيم القاعدة، مثل: جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في الشام و العراق “داعش”: مناهضين لنظام بشار الأسد

وفي تركيبة العناصر المسلحة على الأراضي السورية تكمن قضيتان لا ينبغي تجاهلهما ألا وهما:

o غلبة الطابع الطائفي في تركيبة العناصر المسلحة على الأرض

o بعض الكتائب المقاتلة ، مثل : جبهة النصرة وداعش لا تمثلهم رؤوسٌ سياسية يمكن التفاوض معها، وبالتالي أي من القرارات والمبادرات التي يتم إقرارها لا يعتبرون أنفسهم ملزمون بتنفيذها و من هنا فقد رأى الدكتور محمد محمود الجمسى الامين العام للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية أن الحل السياسي والدبلوماسي هو السبيل الأمثل، منطلقين في هذا على أسس راسخة ألا وهي : التمسك بمبادئ الأمم المتحدة والأعراف القانونية و احترام السيادة السورية واستقلالها ووحدة أراضيها مع عدم غفلة حق الشعب السوري في تحديد خياراته وأن مصير سوريا يقره فقط السوريين أنفسهم لا من يدعون وصلا بها، فلا موطأ قدم على التراب السوري لغير أهله .

ويمكن تلخيص وجهة نظر المجلس في نقاط كالآتي :

§ ضرورة الدخول في مفاوضات جادة وسريعة، وهذا لا يتأتى إلا بعد أن تستوعب جميع الأطراف ضرورة تقديم التنازلات السياسية بدلاً من تقديم المزيد من الدماء.

§ لابد أن تخرج المفاوضات بين الأطراف السورية في إطار زمني محدد لبدء المرحلة الانتقالية

§ حضور جميع الأطراف بما فيها إيران؛ حتى تكون القرارات الصادرة عن المفاوضات ملزمة لجميع الأطراف، كي لا يتنصل أي طرف من التنفيذ

§ تعهد النظام بتسريح جميع الميليشيات غير التابعة للجيش السوري النظامي، وبالتالي تعهد الأطراف غير السورية الموالية للنظام بسحب جميع قواتها وعتادها من داخل الأراضي السورية

§ وعلى الجانب الآخر تتعهد الأطراف المناهضة للنظام – فيما عدا الجيش السوري الحر الذي ينتمي مقاتلوه في الأساس من أفراد منشقة من الجيش السوري النظامي – بالخروج من جميع الأراضي السورية

§ الاتفاق بعدم تتبع أي من الطرفين “الموالين والمنافضين للنظام” من قبل الطرف الآخر، و في ذات الوقت تسهيل عملية دخولهم بلادهم الأصلية مع عدم ملاحقتهم قانونياً في بلادهم

§ وضع خطة أمنية وعسكرية محكمة لإعادة دمج الجيش النظامي والجيش الحر مرة أخرى في جيش سوري موحد للعودة إلى مهمتة الأصلية في حماية الوطن لا الانخراط في الاقتتال الداخلي

§ تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع الأطراف السياسية وتمتلك كافة الصلاحيات السياسية

§ خلق حالة إعلامية تشجع على المصالحة الوطنية وإعادة الهدوء والسكينة إلى البلاد مرة أخرى والكف عن التحريض ضد الطرف الآخر

§ دعوة الرئيس الأسد إلى التنحي بنفسه وتحديده لموعد الانتخابات القادمة

§ استعادة سوريا علاقتها بالجامعة العربية؛ حتى تكون هناك رقابة عربية على تحقيق بنود المبادرة التي سيتم الاتفاق عليها و تقييم لمدى التزام الاطراف السورية بالقرارات المتفق عليها وأخيرا يناشد المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية بعض الأطراف أن تدرك من الجهاد حقن الدماء و إطعام الجائع و توفير مأوى لمن هوت منازلهم على رؤوسهم، فالجهاد ليس مقتصرا على طلقات الرصاص ومدافع الهاون. و أن خير أمر للأمة هو حماية نسائها وأطفالها وإدخار طاقات شبابها لبناء سوريا الجديدة لا الإجهاز على ماتبقى منها، فالبلاد لا تُبنى بالحماس وحسن النوايا و إن كانت صادقة. ونربأ بجميع الأطراف ان تكون مسمار نعش ضد أي مبادرة لإعادة الحياة الطبيعية في عروق الدولة السورية.

محمد محمود الجمسى

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock