اقتصاد

ستون دولة اقتسمت الكعكة السورية .. حرب إقليمية على الغاز

بعد ثلاث سنوات من الحرب على سورية، هاهو الغرب يوسع هجومه على العراق، ومن ثم فلسطين. وراء هذه التناقضات السياسية الواضحة بين المتدينين والعلمانيين، ثمة مصالح اقتصادية متينة تفسر هذه الإستراتيجية الغربية.

في بلاد الشام، كل الجماعات تغيرت ولاءاتها عدة مرات، إلا حقول الغاز، فهي غير قابلة للتغيير.

منذ بداية الحرب على سورية، وحلف شمال الأطلسي يحاول قطع خط طهران-دمشق (…) مقابل فتح ممرات تحرك، تسمح بإيصال الغاز القطري إلى الساحل السوري (اكسون- موبايل) والغاز السعودي (شركة آرامكو).

حرب-إقليمية-على-الغاز

خطوة حاسمة تم اتخاذها على هذا الصعيد من خلال الهجوم الذي شنته داعش على العراق التي قسمت البلد طوليا وعزلت إيران عن سورية ولبنان وفلسطين.

ضمن هذا الهدف الواضح الذي سوف يحدد من يبيع غازه في أوروبا، أضاف حلف شمال الأطلسي هدفا أكثر أهمية: السيطرة على احتياطيات الغاز، ومن ثم استغلالها.

وإذا عدنا إلى ما كشف عنه عماد فوزي الشعيبي في ذلك الوقت، نجد أن شركتين نرويجيتين (أنسيس وساجيكس) قد قدمتا رشوة لمسؤول في الاستخبارات، ما أتاح لهما القيام بأبحاث ثلاثية الأبعاد أدت إلى اكتشاف هذا الامتداد الهائل لاحتياطيات الغاز التي تفوق احتياطيات قطر.

بعد ذلك، بيعت شركة أنسيس إلى شركة فيريتاس اس. اس. جي. تي، وهي شركة فرنسية – أميركية مقرها العاصمة البريطانية لندن. تم نقل المعطيات التي كانت بحوزة الشركة النرويجية إلى كل من الحكومات: الفرنسية، والأميركية، والبريطانية، والإسرائيلية، التي شكلت بناء عليها تحالفا يرمي إلى تدمير سورية، ونهب مخزونها من الغاز.

بعد أن أوكلت الولايات المتحدة عام 2010 إلى كل من فرنسا وبريطانيا أمر إعادة استعمار سورية، أنشأت هاتان الدولتان تحالفاً دولياً تحت اسم «أصدقاء سورية»، واستدعتا «مجموعة عمل حول إعادة الإعمار والتطوير الاقتصادي» عقدت أول اجتماع لها، تحت رعاية ألمانية، في شهر أيار عام 2012 في أبو ظبي. وهكذا تقاسمت نحو ستين دولة الكعكة السورية قبل أن تنالها.

أغلبية المشاركين في الاجتماع كانوا بطبيعة الحال يجهلون اكتشافات الشركتين النروجيتين (أنسيس وساجيكس). على حين كان المجلس الوطني السوري ممثلا بأسامة القاضي، المسؤول السابق في شركة الغاز البريطانية (بريتش غاز) عن تطبيق الإستراتيجيات العسكرية في سوق الطاقة.

من المؤسف أن الحكومة السورية لم تأخذ علما، إلا في صيف عام 2013، بمكتشفات شركتي (أنسيس وساجيكس) وما تضمنته لاحقا من نجاح واشنطن في تشكيل ائتلاف دولي لتدمير سورية.

أما شركة (بريتش غاز) فقد كانت تستكشف الاحتياطيات الفلسطينية، حين اعترضت إسرائيل على قرار استخراجها لخشية الأخيرة من استخدام تلك العائدات في شراء الأسلحة.

الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون نشر عام 2007 مقالا مدويا خلص فيه إلى القول بأن «الوسيلة الوحيدة التي تطمئننا إلى أن هذه العائدات الضخمة لن تستخدم في تمويل المقاومة، تتجسد في إطلاق عملية عسكرية شاملة تهدف إلى اجتثاث حماس من غزة».

هذه أقوال رئيس أركان الجيش سابقا، أما أفعاله وهو وزير الدفاع حاليا، فقد رأيناها باستخدامه ذريعة الشبان الثلاثة المختطفين، كي ينفذ الهجوم الذي وعد به قبل سنوات لاجتثاث حماس.

من المعروف أن سورية وإيران دعمتا المقاومة الفلسطينية ممثلة (بالجهاد الإسلامي وحماس) وهي طريقة في التعبير لافهام تل أبيب أنهما تملكان القدرة على ايلامها في فلسطين، بقدر ماتؤلمهما في العراق.

وحدها، قراءة مايجري من وجهة نظر طاقوية، تسمح بفهم جيد لها، لأنه سياسيا، ليس من المصلحة القومية العليا لإسرائيل أن تدمر حماس وهي من ساهم في تأسيسها، ولا أن تنقذ سورية بعد الاعتداء عليها في اليرموك..

سيريان تلغراف | تيري ميسان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock