الصحف العربية

الأخبار : مسلحون سابقون ومطلوبون خارج سورية ينتظرون الضمانات للعودة

رغم انطلاق قطار التسويات الميدانية والمصالحات الوطنية في عدد من بلدات سوريا، إلا أن كثيرين ممن هم في حاجة إلى ضمانات حقيقية لم يجدوا سبيلاً معقولاً لـ«العودة إلى حضن الوطن» بعد

«لم يكن السلاح خياراً متاحاً من بين خيارات عدة أمامي. حملته منعاً لأي اعتداء على أسرتي وأخوتي. وعندما بدأت أعداد الشهداء بالارتفاع قررنا السفر خارج البلاد من طريق التهريب»، يروي إبراهيم خ.، ابن بلدة حرستا في الغوطة الشرقية. ويقول لـ«الأخبار»: «تنقّلت مع عائلتي بين بلدانٍ كثيرة واستقررنا في عمّان. لكن تفاصيل الحياة هنا لا تطاق. منذ فترة نفكر في العودة إلى سوريا، إلا أن احتمالات الاعتقال لا تزال تكبح اتخاذنا للقرار».

مسلحون-سابقون-ومطلوبون-خارج-سورية-ينتظرون-الضمانات-للعودة

يؤكد إبراهيم أن عائلته تواصلت مع أكثر من مسؤول في وزارة المصالحة الوطنية، غير أنهم لم يحصلوا على ضمان بأن العائلة لن يمسّها سوء في حال العودة. تروي والدة إبراهيم أن حالتهم مشابهة لآلاف حالات العائلات السورية في الخارج: «لا معلّقين ولا مطلّقين».
كان للغربة وتبعات العمل المسلَّح انعكاس مأساوي على العديد من العائلات السورية. غير أنه، من جهة أخرى، وضع أفراد تلك العائلات أمام استحقاقاتٍ جديدة، تمثّلت في فهمهم لحقيقة الأحداث من زاوية رؤية مختلفة. كان اسم الشاب خالد ح. معروفاً في حيّ الميدان، كأحد أبرز المتظاهرين الناشطين في الحي، اعتقل ثلاث مرات بالتهمة نفسها، قبل أن تجبره عائلته على السفر إلى مصر. مواقف خالد السياسية لم تعد هي ذاتها، فاليوم «أنا أؤمن بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد، من دون أن ننسى أن لنا مطالب محقة يجب النضال سلمياً من أجلها. فمنذ دخول السلاح إلى تظاهراتنا، نحن الوحيدون الذين تشرّدنا داخل دوامة العنف». يؤكد خالد رغبته في العودة إلى دمشق «إلا أن خطر الاعتقال لا يزال قائماً. أنا والكثير من الشباب نأمل تغييراً حقيقياً، ما يدفعنا إلى العودة بثقة، ومن دون القلق الدائم من الاعتقال، إلى بلادنا».
يشكِّل نقص الضمانات أحد أهم جذور مشكلة عودة المطلوبين على خلفية الأحداث إلى سوريا. يؤكد المحامي غياث العليان أن القضية من الجانب القانوني «يمكن أن تحل عبر إصدار الحكومة قراراً يلزم الأجهزة الأمنية بكف البحث عن المطلوبين على خلفية قضية معينة، كالتظاهر أو حمل السلاح أو كلاهما معاً». ويستدرك: «لكن في الجوهر الأمر أعقد من ذلك. هناك أزمة عدم ثقة بين المطلوبين والحكومة. وحتى لو أصدرت الحكومة قراراً كهذا، لن تحل الأزمة قبل أن يُتخَذ قرار كبير يعزز الثقة بين الطرفين، كإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الذي يحتاج إلى قرارٍ سياسي بالدرجة الأولى».
ويؤدي التهويل دوراً بالغاً في تعزيز أزمة الثقة هذه، إذ تعمل العديد من الشبكات الإعلامية على ترويج الفكرة القائلة بأن فظائع ترتكب في حق العائدين إلى البلد من المطلوبين. يؤكد سلام، المطلوب على خلفية حمل السلاح في محافظة درعا، والنازح إلى محافظة الزرقاء الأردنية، أن ترهيباً حقيقياً بدأ يمارس على الراغبين في العودة من الأردن إلى سوريا. «يقنعون الناس بأن النظام اتخذ قرارات بالإعدام بحق كل من حمل السلاح يوماً. وهؤلاء أغلبهم منتفعون من عمليات اللجوء والخوات العينية المقتطعة من المساعدات الغذائية القادمة للنازحين»، يضيف.
وعلى طريقته الريفية البسيطة، يكرر سلام اقتناعه بأن «الأزمة لن تطول وستنتهي حيث يجلس الجميع إلى طاولة الحوار، ويصدرون عفواً عن النازحين من سوريا»!

مطلوب؟ غير مطلوب؟

رغم الأزمة الناشئة في قضية المطلوبين، إلا أن حالتهم ما زالت أفضل من التائهين في الاحتمالات المختلفة. وهي أزمة الكثيرين ممن حسموا قرارهم بمغادرة البلد لمجرد نشوء شكوك حول طبيعة «وضعهم الأمني». يجسِّد عبد الرحمن، أحد طلاب المعهد التقني في دمشق، صورة واضحة عن المشكلة. شارك الشاب في أكثر من تظاهرة خرجت في حيّ التضامن الدمشقي، وبدأت بعدها حملة اعتقالات شنتها الأجهزة الأمنية في الحي: «في حينه اعتقل أربعة من أصدقائي الذين شاركت معهم في التظاهرات. غادرت سوريا فوراً نحو الأراضي الأردنية»، ويعقب عبد الرحمن، في اتصالٍ مع «الأخبار»: «منذ ذلك الحين نحاول الوصول إلى أي مسؤول يؤكد لنا أنني لست مطلوباً، إلا أن ذلك لم يحدث، الأمر معقد جداً، باتت العائلة خائفة من أن تفتح الأنظار علي جراء كثرة الأسئلة والاستفسارات».

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock