تحقيقات وتقارير

مسيحيو الشرق .. أصل في الجذور وأصالة في الإنتماء

إذا كان المرء غير معني بكتب النقائض في التاريخ ورسائل الجدل بين أصحاب المرامي والمقاصد؛ ما كان منها نفعياً أو كيدياً، أو بدوافع غريزية أملتها ميادين السياسة وصراع المصالح، وسلم بحقائق التاريخ وعبَره التي لاتنفك تقول بأن القوى الاستعمارية، والعقل الغربي الاستعماري العنصري عاجزين عن فهم التنوع الإنساني الحضاري السوري! وهما أقرب إلى التخلف والتعصب والقوميات! وهذا العقل ليس مسيحيا يحرص على مصير المسيحيين! بل يلبس ما يناسب مشروعه الاستعماري؛: فهو جرّد حملاته في القرن التاسع عشر على هذا الشرق باسم حماية المسيحيين، ويستخدم اليوم القتل وحرق الكنائس لتهجير المسيحيين، وإذا سلّم ( القارئ) بأن إسرائيل السرّ والجوهر، فسيكون محباً وخيّراً، كما أنشأه الله على صورته؛ فالله محبة، قبل أن يخلق العالم والملائكة والبشر “لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم”، فالله حب أزلي وما كان مثالياً من الحب هو الحب الذي يتجه نحو الآخر؛ كل آخر، لندخل حينها في الحب اللانهائي ( المطلق)؛ حب الخليقة كل الخليقة حيثما وحينما توجد.

مسيحيو-الشرق-أصل-في-الجذور-وأصالة-في-الإنتماء

الله محبة في المسيحية والإسلام؛ وإلا لما كنا ” خير أمة أخرجت للناس”، وقد كان شعار ” الدين لله والوطن للجميع” منهجنا الحاضر دائماً في المواجهة بين الخير والشر؛ بيننا وبين المتربصين بحرية وكرامة وطننا، ولم يكن الصراع يوماً إسلامياً مسيحياً. هذا يقين وقناعة، ولو كان هذا الفكر الوهابي التكفيري هو رسالة الإسلام الحقيقية، لما كان هناك عصور ذهبية للإسلام ولا عهود زاهية في كل المجالات ( الأدبية والعمرانية والعلمية).. هل هم على إسلام عمر بن الخطاب ( رض) الذي رفض أن يصلي في كنيسة القيامة كيلا يتخذ ذلك جاهل حجة فيهدمها، أو إسلام أبي بكر ( رض) الذي أوصى قائلاً: “يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنى: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له،..”. بل في التاريخ ما يدحض هذا الفكر الوهابي في التعامل مع الآخر؛ ورد في شهادة بعث بها البطريرك ( النسطوري الثالث) إلى البطريرك ( سمعان)، بعد ظهور الإسلام، حيث قال:” إن العرب الذين منحهم الله سلطة العالم وقيادة الأرض، أصبحوا معنا، ومع ذلك نراهم لايعرضون للنصرانية بسوء، فهم يساعدوننا ويشجعوننا على الاحتفاظ بمعتقداتنا، وإنهم ليجلون الرهبان والقسيسين، ويعاونون بالمال الأديرة والكنائس”. هذه البلاد مهد المسيحية. والمسيحية لون أصيل من ألوان النسيج الإنساني الاجتماعي العربي ويستحيل اقتلاع جذور المسيحيين من قلب الذاكرة الوطنية والشعبية للدولة السورية التي لم تميز بين الطوائف والأديان؛ فمثلها الأنصع في الأمم المتحدة فارس الخوري، والبطريرك ألكسندروس طحان الذي باع كل أوقاف البطريركية الأرثوذكسية ليفي عن دمشق الديون وفوائدها، فيقدم أروع مثل في الأخوة المسيحية الإسلامية، ومثلها أيضاً البطريرك غريغوريوس حداد الذي قال للملك فيصل وهو يودعه، بعد دخول غورو إلى دمشق وصدور قرار نفيه “إن هذه اليد التي بايعتك ستبقى وفية لك إلى الأبد”.

أليس البطريرك غريغوريوس الثالث لحام – بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك في أنطاكية وسائر المشرق الذي تشبّع بالكرامة اليعربية ( مسيحية وإسلامية) وقد انسحب من مؤتمر للدفاع عن مسيحيي الشرق في واشنطن عقب انتقاد سورية إثر كلمة للسيناتور تيد كروز اعتبر فيها أن إسرائيل أكبر حليف للمسيحيين وسورية إرهابية. ومن شاهد على شاشات التلفزة وجه غبطته وهو يقطر ثورة تشي بكبريائه واعتزازه واحتقاره لكل تبعية أو تحالف مع أعداء الإنسانية. أليس هذا العظيم هو الثائر الحر وهو يسأل سؤال العارف: من هجّر اليهود من لبنان وسورية والعراق.. ومن هجّر المسيحيين من العراق ويتبنى مشروع تهجيرهم من سورية ولبنان!!!!..أليس هذا العظيم هو الثائر الحر الذي تليق به عمامته ( لباسه الديني) ويليق بها، أم أولئك العهرة أصحاب العمائم المتعفنة بفتاوى القتل والذبح وإقصاء الأصيل لإحلال الوكيل العميل، أم ذلك المدّعي “الثورة” على أبواب إسرائيل مشاركاً إرهابييها دهاليز مؤتمراتهم التي مافتئت تخطط للنيل أولاً من عرضه ليسلم تالياً أرضه، وقد حصل، وقد فعل في تصريحات له قبل اليوم.

الخطر الصهيوني يشمل العرب جميعا، مسيحيين ومسلمين، وتساوى في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي المسيحيون والمسلمون؛ الأب عطا الله حنا خير مثل على ذلك. إسرائيل عدو العرب جميعاً، ويجب أن يكون الهدف معلوماً وواضحاً لدى كل حرّ أبي، بعد انكشاف الحرب على سورية: “تسييد إسرائيل على دويلات ضعيفة، وسرقة ثروات الشعوب هما جوهر الأهداف الغربية منذ عهد بعيد، معتمدين على انحطاط السياسة الدولية والإقليمية ونفاقها مدعومة بمال وفكر سعودي متخلف وحاقد ودور ومال قطري منتفخ كـ “الهر يحكي صولة الأسد” .. فإلى هناك يجب التوثّب والتسديد؛ ليعود كلّ منهم إلى أصله وفق الترجمة الشائعة لنظرية داروين في الخطف خلفاً.. من رعاة إبل بدائيين، وهذا عهد قريب… تسلسلاً…إلى قردة وخنازير.

قوله تعالى: “إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز”

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock