عالميمحلي

الجعفري : بعض العرب مكابرون ولديهم مشكلات في العقل والأخلاق والضمير

أكد مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة د. بشار الجعفري أن الكثير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعمل على إعادة العلاقات مع سورية وقال هناك بصيص أمل في هذا السياق. مضيفاً: إن الجميع تقريباً باتوا يدركون أن هناك من يستخدم الإرهاب لتغيير الحكم في سورية بالقوة والإساءة للشعب السوري بشرائحه كافة. وأشار الجعفري في حوار هاتفي مع «الوطن» إلى عدم وقوف أي مندوب عربي في اجتماع اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة للدفاع عن الموقف السوري خلال مواجهة المندوب السوري مع المندوب الإسرائيلي. وقال: إن إسرائيل تتحالف مع إرهابيي جبهة النصرة في الجولان، وما نؤكده ليس كلاماً له علاقة بكراهية اليهود ومعاداة السامية.

مندوب-سورية-الدائم-في-الأمم-المتحدة

– ما الذي جرى بينكم وبين مندوب إسرائيل في هذه الجلسة؟

الحقيقة الجلسة كانت معنية باعتماد مشاريع قرارات تقدمها لجنة المسائل السياسية الخاصة وتصفية الاستعمار أو المعروفة اختصاراً في الجمعية العامة باسم اللجنة الرابعة. هذه اللجنة اعتمدت كما هو العادة في كل عام أربعة قرارات تتعلق بوكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين في إطار البند 50 وخمسة بيانات في إطار قرارات الممارسات الإسرائيلية بحق السكان العرب في الأراضي المحتلة بما في ذلك الجولان. اعتمدت اللجنة تسعة قرارات بأغلبية ساحقة وذلك كان محرجاً لإسرائيل التي صوتت وحدها فقط لرفض القرار المتعلق بالجولان. أما بقية القرارات فان إسرائيل تصوت برفضها بشكل عام (قرارات الأونروا وقرارات الممارسات) والدول الغربية تمتنع عن قرارات الأونروا وتصوت برفض قرارات الممارسات الإسرائيلية بحق السكان العرب في الأراضي المحتلة – يعني – حالة نفاقية مميزة، إلا فيما يتعلق بقرار الجولان فإن إسرائيل وحدها تصوت برفضه.

أنا قدمت بيانا تحدثت فيه عن مدى عزلة إسرائيل في الأمم المتحدة وأنه ينبغي أن تأخذ درساً من هذا الأمر إذا كانت تمتلك شيئاً من العقلانية. وشبهت احتلال إسرائيل للأراضي العربية ولا سيما احتلال الجولان والقدس بالاحتلال المضاعف لأن المسألة لا تتعلق فقط بالاحتلال وإنما بضم هذه الأراضي المحتلة خلافاً لقانون لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف 1949 وقلت: يجب على إسرائيل أن تتعظ من تجارب سابقة جرت في الحرب العالمية الثانية عندما قامت دولة أوروبية لم نسمها، (طبعاً نعني بها ألمانية النازية) بضم جزء من أراض أوروبية أخرى هي إقليم السديت التشيكي وممر دانزيغ البولوني، فكان ذلك سبباً لاندلاع الحرب العالمية الثانية. هنا قاطعني المندوب الإسرائيلي وطلب من الرئيس وقفي عن متابعة الكلام وبدأ يكيل لي الاتهامات السينمائية المعهودة مثل معاداة السامية وكره اليهود، غير أن الرئيس لم ينصت له وطلب مني متابعة البيان حيث واصلت القراءة وأشرت إلى أن هذه المناورات الإسرائيلية وإخراج الحديث عن السياق ورفع مستوى الحديث إلى معاداة السامية وكره اليهود هو محاولة ضعيفة من مندوبي إسرائيل لأن المشكلة الرئيسية هي الاحتلال، فإذا كانوا متحسسين كثيراً من مسألة معاداة السامية وكره اليهود فعليهم أن يزيلوا أسباب ذلك والانسحاب من الأراضي المحتلة وإلغاء قرارات الضم والعيش بسلام في المنطقة…إلخ.

-ظهرت إسرائيل بقوة في الحرب السورية مؤخراً. ما الهدف الجديد الذي تريده من هذا التدخل؟ ولاحظنا كيف أن المندوب الإسرائيلي حول هجومه عليكم إلى دفاع مستميت عن «الثورة» السورية؟

فعلاً عندما قاطعني المندوب الإسرائيلي كنت أتحدث عن تحالف إسرائيل مع إرهابيي جبهة النصرة في الجولان السوري المحتل، وكيف أن إسرائيل تتعاون مع هؤلاء الإرهابيين وتعالج جرحاهم في مشافيها وتعيدهم إلى منطقة الفصل من أجل معاودة القتال. وقلت لاحقاً في معرض الرد على المندوب الإسرائيلي إن ما نقوله ليس كلاماً له علاقة بكراهية اليهود ومعاداة السامية وإنما هو كلام يبثه التلفزيون الإسرائيلي كل يوم على جميع أقنيته، فكأنك غير متصل مع الواقع الإسرائيلي نفسه من حيث إنكار وجود تعاون بين إسرائيل وإرهابيي جبهة النصرة في الجولان ومعالجتهم في مشافيها ويسمحون لهم بالانتشار في المنطقة وخطف جنود الـ(أندوف). هذا هو المقطع الذي أزعج المندوب الإسرائيلي فحاول أن يحرف النقاش عن اتجاهه الأصلي ألا وهو الاحتلال والضم من خلال إثارة مسائل أخرى إشكالية له ولحماته مثل معاداة السامية وغير ذلك مما يلجؤون له دائماً عندما يكونون محشورين في الزاوية.

– بعد هذه السنوات من مواجهتكم لدول عظمى وأخرى مؤثرة في المحافل الدولية هل لمستم تفاهماً من الدول التي تقف على الحياد للموقف السوري أو حتى تغييراً في مواقف الدول التي تناصب سورية العداء؟

عن الدول التي تناصب سورية العداء من حيث المبدأ لا تغيير، بل على العكس هناك خبث شديد وتلاعب بالأشياء وبالحيثيات وباللغة القانونية وسوء تفسير للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومحاولات قميئة للالتفاف على مبادئهما، أعني بذلك دول الخليج وتركيا والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية. أما عن الدول الأخرى الأعضاء فهناك صحوة واضحة تماماً لديهم. وفي حديثي مع السفراء يقولون لنا إنهم يفهمون الآن الموضوع بشكل أفضل بكثير من ذي قبل، وإنهم يدركون وجود مرتزقة أجانب وإرهاب خارجي يتم تمويله من دول الخليج ويدركون أيضاً أن الشعب السوري يعاني إرهاباً عابراً للحدود، ويعرفون تماماً الآن الدور التركي القذر في السماح للإرهابيين باجتياز الحدود وتدريبهم في معسكرات تدريب في تركيا والأردن والسعودية، أي إن المشهد الذي كان ينكره البعض في البداية أصبح الآن حديث الساعة، ومن ثم نعم هناك انحسار في معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باتجاه تصديق البروباغندا القديمة التي كانت تتهم الحكومة السورية باستخدام القوة وغير ذلك، حيث تكشف الآن أن الحكومة السورية هي ضحية لهذا التلاعب الإعلامي والتلاعب السياسي والضغط الإرهابي. الآن بات الجميع تقريباً يدركون أن هناك من يستخدم الإرهاب لتغيير الحكم في سورية بالقوة والإساءة للشعب السوري بشرائحه كافة.

-أخيراً هل يعني ذلك أن تفتح أبواب دمشق مشرعة في المرحلة المقبلة أمام الوفود لإعادة العلاقات مع سورية إلى سابق عهدها؟

نعم هناك بصيص أمل في هذا الاتجاه ولكن هناك معوقات جدية يجب أن ننظر إليها بالحسبان، فعلى سبيل المثال عندما اشتبكت مع المندوب الإسرائيلي في اللجنة الرابعة وقف إلى جانبه مندوبو أميركا وأستراليا وكندا وألمانيا وبريطانيا وغيرهم للدفاع عنه، بالمقابل لم يقف أي مندوب عربي للدفاع عن الموقف السوري في هذا النقاش العقيم الذي جرى في القاعة.

نحن لدينا مشكلة عربية كبيرة هي غياب الضمير والأخلاق والوعي القومي العربي. أما خارج الإطار العربي وما تسمى الجامعة العربية وأنا أسميها المفرقة الخليجية، هناك صحوة ووعي وإدراك في الدول الإفريقية والدول الأسيوية ودول أميركا اللاتينية أن الجيش السوري يقوم بواجبه وفقاً للدستور والقانون الدولي في حماية الشعب السوري والدولة السورية، لأننا نعرف أن هدف هذه المسرحية الدموية التي نعانيها في سورية هو تدمير الدولة السورية والإنسان السوري كليهما وتحويلنا إلى صومال وعراق وليبيا. والقلائل الذين يكابرون، إما مصابون بعمى الألوان أو بالجهل أو بالحقد تجاه سورية ما زالوا يسيرون على الطريق ذاته الذي لا يخدم في النهاية إلا إسرائيل التي تقوم بما تقوم به الآن من ممارسات استيطانية واعتداء على المسجد الأقصى وتقديم مشروعي قرار للكنيست الإسرائيلي، الأول يقضي بإلغاء اللغة العربية في الأراضي المحتلة، والثاني مشروع نتنياهو لتحقيق ما يسمى يهودية إسرائيل، أي تحقيق التطهير العرقي بحق الفلسطينيين. وهنا أتساءل ألا توجد صحوة لدى العرب وإدراك خطورة هذين المشروعين وينبغي أن نساعد الفلسطينيين لمواجهة السياسة الإسرائيلية؟ لكن يبدو أن هناك جموداً عقلياً وفي الأخلاق والضمير عند العرب عجيب الشكل.

سيريان تلغراف

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock