اقتصاد

“ميشا” و “الميليشيات” والسوريون إلى سيرة الأجداد والتدفئة بالحطب

بين ” ميشا ” و” الميليشيات المسلحة ” في سوريا اتفاق تام في خط السير والهدف ، ” ميشا ” وصلت المنطقة قبل أربعة أيام ، بينما تعصف الميليشيات المسلحة المتشددة في سوريا منذ أربع سنوات ، كلاهما عصفتا بمنطقة آمنة ، وكان أمن المواطن السوري ودفؤه هما الهدف .

وصلت العاصفة “ميشا” الآتية من اليونان نحو المنطقة قبل قرابة 4 أيام، حاملةً معها الأمطار والرياح الباردة، دون أن تنسى زيارة سوريا، ناشرةً البرد والصقيع في كل البيوت السورية، عدا بيوت بعض المسؤولين التي كانت، بتكييفها ومدافئها، عصيّةً على “ميشا”، كما كان أصحابها عصيين على الاعتراف بوجود مثل هذه العاصفة.

الزائر الثقيل لم يخطئ في توقيت الزيارة، فالشتاء قد حل، والسوريون اعتادوا الاستعداد لاستقباله خلال السنوات الماضية ، إلّا أن الحال هذا العام كان مغايراً، مع انعدام أية وسيلة تمكّن السوريين من درء البرد والشتاء، في ظلّ غيابٍ شبه تامٍ للاليات الرسمية لوقاية المواطنين من بعض البرد بشكل متساو وعادل.

التدفئة-بالحطب

نمط التدفئة المعتمد لدى غالبية المنازل السورية اعتمد خلال السنين الماضية على مادتي الغاز والمازوت، باعتبار أن هاتين المادتين توفران تدفئةً جيدةً، نظيفةً نسبياً، وكانت إلى يومٍ قريبٍ اقتصاديةً بشكلٍ عام.

المادتان غابتا عن الأسواق، إلّا أنهما بقيتا حاضرتين في أذهان المواطنين الذين لا يخلو حديث يدور بين اثنين منهم عن همّ تأمين تلك المادتين، أو عن وسيلةٍ ممكنةٍ للحصول على القليل منهما.

الكهرباء بديلٌ لا بأس به بالنسبة للمواطنين بالرغم من التكلفة العالية لتشغيل مدفأةٍ كهربائية، والتكلفة الاقتصادية الأكبر التي ستتحملها الدولة من خلال إعادة تحويل الطاقة الكهربائية إلى حرارية، ليتضاعف بذلك حرق الفيول. بكل الأحوال، ساعات التقنين الطويلة أنهت الجدال، وأكدت أن الكهرباء لن تدفئ السوريين.

لم يبق أمام السوريين من بديل سوى العودة إلى زمن أجدادهم، والتحوّل إلى التدفئة بالحطب. التحوّل نحو نمطٍ جديدٍ من التدفئة قد يكون آخر ما يحتاجه السوريون في ظل الأزمة المالية التي تعصف بجيوبهم، شراء مدفأة جديدة تعمل بالحطب والتزود بكمية من الحطب تكفيهم لشتاء كامل، هي أمور تحتاج ميزانيةً كاملةً، وميزانية المواطنين في الأساس تواجه عجزاً كبيراً لم يشهدوا له مثيلاً من قبل.

الحرب والمعارك الدائرة في سوريا منذ ما يقرب الثلاثة أعوام، أتت على مساحاتٍ شاسعةٍ من الغابات بأشجارها وكنوزها الطبيعية، ويبدو أن التحوّل الإجباري الذي يقبل السوريون عليه في نمط التدفئة سيأتي على ما تبّقى من تلك الغابات.

الثروة الحراجية لن تكون القطاع الوحيد الخاسر في حرب المحروقات الجديدة. تقارير عديدة تحدّثت عن خروج عدد كبير من المعامل والمصانع عن الانتاج لغياب مادة المازوت اللازمة لتشغيل الآلات، تقارير أخرى تحدثت عن توقف بعض المداجن وحظائر الحيوانات عن العمل، لاستحالة تأمين مادة المازوت المستديمة في التدفئة، السبب ذاته أحدث أضراراً كبيرةً في القطاع الزراعي، ضمن البيوت البلاستيكية (الهنغارات)، التي تؤمّن قسماً كبيراً من حاجة السوق من المواد الغذائية.

البرد لم ينس السوريين القابعين خارج أراضي الوطن، بل كان لهم النصيب الأكبر في مخيمات اللجوء حيث لا سقف يقيهم من المطر ولا حيطان تقيهم شر الرياح الباردة. ليس لديهم سوى تصريحات منظماتٍ أمميةٍ، توعّدتهم بشتاءٍ قاسٍ سيعصف بهم، دون أن تقدّم لهم أي حلول.

يومان أو ثلاثة، وتشدّ “ميشا” رحالها بعيداً عن المنطقة. السوريون سينعمون ببعض الدفء، إلى حين تقرر إحدى قريبات “ميشا” أن تخطو خطاها وتزور المنطقة، وربما لن تكون بمثل لطف سابقتها. الأمل الوحيد لدى المواطنين هو أن تبدأ الحكومة بخطواتٍ جديةٍ وتتخذ قراراتٍ متناسبةٍ مع الأزمة تقيهم شر مثل تلك الزيارة، قبل وقوعها.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock