بلدنا اليوم

“داعش” القلمون في مخاضٍ داخلي لاستبدال المقاتلين بالأكثر تشدّداً

قتل أحد قادة تنظيم “داعش” في القلمون، جراء إصابته في كمينٍ واشتباك حصل يوم اغتيال أمير الجماعة “ابو عائشة البانياسي”.

وعلم أن القتيل الجديد يدعى “ابو عمر التونسي” وصنّف على أنه احد الكوادر الأساسيين للتنظيم، متاثراً بجروح اصيب بها خلال اشتباكات بينية بالقرب من معبر ميرا.

وكان قد أعلن قبل أيام عن اغتيال “بانياسي” ثانٍ في القلمون نتيجة الخلافات الداخلية نفسها التي انفجرت بسبب قرار “ابو وليد المقدسي” وهو أحد أبرز شرعيي “داعش” في القلمون باغتيال أميره “البانياسي” الأول.

القلمون-في-مخاضٍ-داخلي-لاستبدال-المقاتلين-بالأكثر-تشدّداً

وبعد أيام على حادثة الاغتيال، يتجلى الانقسام الحاد الذي بدأ يُرخي بظلاله على الحالة العسكرية والميدانية للتنظيم في منطقة القلمون، خصوصاً في الجزء الغربي التي تتشارك السيطرة فيه مع “جبهة النصرة” التي يقودها “أبو مالك التلي” الذي يعتبر أحد أبرز أسباب الخلاف الرئيسية التي أفضت لاغتيال “البانياسي”.

وتجلى هذا الانقسام في الانشقاق العامودي غير المعلن داخل صف التنظيم في القلمون، كما تشير مصادر متقاطعة، بين من يؤدي الشرعي “ابو الوليد المقدسي” والفعلة التي ارتكبها عبر إصداره فتوى بقتل أميره، وبين من اعتبر ان “المقدسي” يحاول الاستحواذ على قيادة “الدولة الاسلامية” في القلمون، حيث بات في داخل التنظيم تياران متصارعان يتخذان من اسلوب الاغتيالات عاملاً لتصفية الحسابات.

ويظهر جلياً، ان اغتيال “أبو عائشة” فجّر خلافاتٍ عمقية حول الآلية التي ينوي “داعش” اتخاذها كمبدأ لعمله في القلمون، تتركز هذه الخلافات حول التحالفات، حول العدو والصديق، وايضاً حول طريقة التعاطي مع التنظيمات الاخرى. وترى مصادر متابعة، ان “المقدسي” القادم من مدينة الرقة، يحمل في جعبته التطرف والتشدّد العنيف في التنظيم ويحاول فرضه في منطقة القلمون بما في ذلك إنهاء التحالف مع “جبهة النصرة” واعتبارها عدواً مرتداً كما أفتى شرعيو التنظيم في سورية ككل وتطبيق مبدأ الحرب معها كما هو التوجه العام دون تسويات يعتبرها ذات “مصلحة شخصية”.

وتشير التقديرات إلى ان تطرّف “المقدسي” ربما ينسف بنية “داعش” الاساسية التي بنيت على استخواذ البيعات من أفراد الفصائل السابقة في الجيش الحر، وهو يسعى لاستبدال هذه بعناصر متطرفة مؤمنة عقائدياً أكثر بأفكار التنظيم يتم استجلابها من مدن الشرق السوري إلى القلمون لتشكيل نواة “دولة إسلامية” مشابهة لتلك الموجودة هناك.

وعلى الرغم من تعيين “السوس” الملقب بـ “الجربان” وهو قائد كتيبة “الفاروق” في حمص أميراً لـ “داعش” في المنطقة، إلا انه يصنف تحت قائمة “تعيين الضرورة” بسبب حالة الإنقسام في صف الجماعة، كما ان التعيين هذا يُمكن تحليله في سياق “تقطيع الوقت” والتفرغ للعمل على تنقية صفوف الجماعة وتدعيمها بالمتشدّدين وتجهيز الرجل المناسب لاستلام الموقع، يكون نداً مباشراً لـ “التلي” المعروف بقوته القيادية.

ومما لا شك فيه، ان “المقدسي” والقيادة الشرعية لـ “داعش” في القلمون، ترى ان العناصر التي قدمت البيعة من الجيش الحر تفتقر للإيمان الراسخ بمبادئ “الخلافة” وهي قدمت البيعة حفاظاً على حياتها من جهة، وحمايةً لنفسها من الوقوع بين كماشة “النصرة” و”داعش”، وايضاً من أجل كسب الدعم المالي والعسكري بعد ان أضحت لا تمتلك شيئاً بعد طردها من مناطق القصير ثم القلمون على يد الجيش السوري.

إذاً، يمكن اعتبار من سياق ما تقدم ان “داعش” في القلمون تشهد حالياً مخاض ولادة قيصرية لجيلٍ جديد من المقاتلين ذوي العقيدة المتشددة أكثر الذين يُمكن الاعتماد عليهم عسكرياً في تحقيق أهداف الجماعة في هذا الجزء المحاذي للبنان.

وفي سياق ردود الفعل على اغتيال “البانياسي”، سرّبت أخبار عن اجتماع عقد للمحكمة الشرعية التابعة لـ “داعش” في القلمون لنقاش الرد على اغتيال أمير الجماعة في القلمون، دون ان يتسنى معرفة الخلاصات، لكن مصادر، قلّلت من نتيجة هذا الاجتماع بفعل نفوذ “المقدسي” في المحكمة التي تتبع لإدارته بحكم انه الأمير الشرعي ومصدر التشريع.

وسرّبت المصادر ايضاً، أن “المقدسي”، كان قد جرى سجنه في وقتٍ سابق في الرقة مع 20 من أنصاره بسبب الاشتباه بتورطه بعملية التصفية طالت قياديين في التنظيم هناك، ولكي لا يدخل “داعش” في خلافات داخلية مماثلة لما يحصل اليوم في القلمون، قرّر إرساله إلى القلمون شرعياً لتنظيم “داعش”.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock