مقالات وآراء

عليَّ .. وعلى أعدائي !! .. بقلم إبراهيم فارس فارس

نسأل أنفسنا جميعاً : لماذا وصلنا الى ما نحن عليه في سورية ؟ هل لأن الحكم عندنا ديكتاتوري مثلاً كما تتشدق بعض أطراف ما يسمى زوراً : المعارضة؟ أي بلد عربي أو اسلامي حتى ، الحكم فيه ليس ديكتاتورياً ؟ فلماذا لم يحصل فيه مثلما حصل في بلدنا اذا كانت الديكتاتورية كما يدعون هي الذريعة والسبب؟ هل الحكم مثلاً في المغرب ديموقراطي ؟ هل هو في السعودية ؟ بل في كل دول الخليج مثلاً؟ من يجرؤ في السعودية أن ينتقد بكلمة احد أفراد الأسرة المالكة وليس الملك بالضرورة ، حتى لو كان طفلاً مقمطاً في السرير ؟ في احدى جلسات السمر شارك فيها مواطن سعودي يعمل في بريطانية ، وقد جاء الى بلده السعودية في اجازة ، قال : يجب أن يكون نظام الملك عندنا يشبه ما هو في بريطانية ، دستورياً ،أي يملك ولا يحكم ..!! هذا كان في عام 2010 .. فجأة ، اختفى هذا المواطن ، وما يزال البحث عنه جارياً حتى اليوم !!فعن أي ديموقراطية وشرعية يتحدثون ؟ كلنا يعلم أن بداية الأحداث عندنا كانت من درعا . حصل اشكال ما فعالجه حكماء الأمن هناك بطريقتهم الخاصة ، وكان لعبقريتهم في المعالجة ما تسبب ببعض الاشكالات الأمنية بعد ذلك .. واعتبرت الجهات التي خططت لدمار هذا البلد أن ما حدث انتصار وشرارة ثورة !! ومع ايماننا المطلق بأن ما حدث كان بداية مؤامرة قذرة لتخريب هذا البلد ، ولكن ، هل لو فشلت الخطة تلك ، ألم تكن ثمة خطة أخرى بديلة ؟ هل لو عالجنا الأمر في حينه بكثير من الجدية وعاقبنا المسؤول ان كان ثمة مسؤول محدد أمام الناس علناً وعوضنا المتضرر ين ، هل كنا تفادينا ما حدث لاحقاً ؟ ومع ايماننا المطلق بأن ما حُضِّر له كان بداية المؤامرة ، الا انه كان يجب الاهتمام بما حدث من حيث الثواب والعقاب ، وعلى العلن ، على الأقل لم نكن لنلوم أنفسنا ذات يوم ، لكننا وأياً كان الاجراء الذي كان علينا أن نقوم به ، فربما لن ينقذنا من براثن الوقوع في أتون مؤامرة خطط لها دهاة العالم وبتعاون وتكالب بين دول وأموال عربية واسلامية ، وللأسف ..!! في الثاني من شهر آذار 2011 كان ثمة برنامج تعرضه احدى الفضائيات .سأل المذيع احد الاعلاميين في دمشق : هل تتوقع أن يصل الربيع العربي الى سورية ؟فأجاب بثقة كبيرة : هذا مستحيل !وعندما وجه السؤال ذاته الى احد وجوه ما يسمى المعارضة وكان هذا في استانبول قال : انتظروا 15 آذار!! فعلام يدل ذلك؟ هل استُهدفت سورية ، لأن فيها فساد مثلاً ؟ من من دول العالم ليس فيها فساد، حتى اليابان مثلاً ، ولماذا سورية تحديداً ؟ السعودية ، أليس فيها فساد ؟ ألا يوجد فيها فقر مثلاً ، وفقر مدقع ؟ سورية ، ومنذ الاستقلال ، وحتى قبل الاستقلال ، ركبت رأسها – ان جاز التعبير – ورفضت قيام اسرائيل في فلسطين . أرضعت أبناءها مع حليب أمهاتهم كره اسرائيل . صار الفكر المقاوم لاسرائيل يمتزج مع لقمة عيش المواطن السوري ..لذلك خاضت اسرائيل الحروب واحتلت وقتلت ودمرت ، ولكن لم يشف غليلها ، فلم يكن امامها غيرفكرة التآكل من الداخل وبأيد وأموال عربية واسلامية وللأسف !! سورية هي الهدف الأساس وكذلك مصر ، ولكن داهية السياسة الأمريكية كيسنجر نصح قادة اسرائيل بأن حيدوا مصر ولا تفكروا بمواجهتها ، بلد فيه نحو مائة مليون لن تكون سهلة . انه لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سورية وبما أن السلام لا يعنيكم فلا بد من تحييد مصر .. دمروا سورية لأنها الشوكة الأساس في حلق اسرائيل ، هكذا نصح كيسنجر اسرائيل ، دمروا العراق وليبية واليمن وحتى السودان لأن لهم مواقف معادية في كثير من الأحيان وبعضها مؤثر .. ولذلك مزقوا العراق ، ودمروا ليبيا واليمن ، وقسموا السودان ..ويدمرون الآن الهدف الأساس : سورية ..

لماذا وصلنا نحن في سورية الى هذا الوضع ؟ الم نستشرف الخطر الذي نحن منساقون اليه ؟ هل يعقل أننا لم نفهم اللعبة وملامح المؤامرة التي تحاك ضدنا ؟ ربطنا دفاعنا عن مواقفنا بأمور عدة ، منها دعم الحلفاء مثل روسية وايران ، لكننا نشعر اليوم أن حلفاءنا يتعاطفون معنا في مجلس الأمن وفي المحافل الدولية ، في ارسال هبات المساعدة ، لكنهم ما يزالون ينتظرون دون مبرر ما ستسفر عنه الأيام ، ولا نحن بامكاناتنا قادرون على مواجهة العالم المشترى بالمال لصالح اسرائيل ، ومن ثمة حسم الأمور لصالحنا ، ولا حلفاؤنا يقدمون لنا ما يمكن أن يقلب مسار الأحداث لصالحنا ،وبالنتيجة ، فإن بلدنا يموت أمام أعيينا يوماً بعد يوم ..!

هل فكرنا يوما ً ان الحدود التي يبلغ طولها نحو ألفي كيلومتر ان انفلتت وطبعاً بعلم ودعم الدول المجاورة ، ماذا يمكن أن يحل بنا ؟ قوافل هائلة من القتلة والمدججين بأكثر صنوف السلاح المتطور في العالم ، مدعومين بالمال والحقد الخليجي الذي لا حدود له ، وكذلك الفكر التكفيري الظلامي الذي يصدق أن قتل المسلم وانتهاك عرضه انما هو جهاد في سبيل الله !!

أنا كمواطن أسأل : ترى لو أشعلنا الحرب مع اسرائيل ، ما ذا يمكن أن نخسر أكثر مما نخسره اليوم ؟ ثم ، وقد ذاقت اسرائيل حلاوة ما يتحقق بالنسبة اليها في سورية والبلدان الأخرى من دمار وتخريب لم تستطع أن تحقق ولو جزءاً يسيراً منه في كل حروبها ، فهل تفكر مجدداً في الحرب المباشرة ؟ ان ابادة العرب والاسلام أسهل عند اسرائيل من مقتل مواطن اسرائيلي ، فكيف تفكر في حربنا وهي تحقق ما تحققه من مكاسب هائلة ، دون أن تخسر قطرة دم أو تدفع دولاراً واحداً ؟ لماذا لم نرد على الضربة الاسرائيلية عند مركز البحوث برشقة صواريخ الى اهداف عسكرية ، أو الى مصفاة حيفا مثلاً ؟ ما الذي يمكن أن تفعله اسرائيل أكثر مما يفعله أجراؤها من العرب والاسلام في بلدنا ؟ لماذا ونحن نعلم حق العلم ان تركيا تسمح وتساعد قوافل الهمج بالدخول الى سورية بكامل عتادهم وحقدهم ولا نضرب قوافلهم حتى لو أصبناها في الأرض التركية ؟ لماذا لا نلقن ملك الأردن درساً لا ينساه فنقصف الهمج القادمين من لدنه وأماكن تجمعهم وانطلاقهم ، أياً كانت نتائج ذلك ؟ أين الأقمار الصناعية الروسية التي تراقب دبيب النمل على مساحة الأرض ؟ أم أن ما نسمعه عن التكنولوجيا الروسية محض ادعاء وحسب ؟! هل نخشى نشوب الحرب ؟ ياريت ، وألف ياريت ، فعلى الأقل أنت ستحارب جيوشاً وليس شراذم . كما أن الحروب توحد الداخل و لا يطول أمدها، بل سرعان ما يتدخل مجلس الأمن وينهيها بقراراته لأن فيها مصالح دول ، أما أن يكون الهدف فقط دمار بلد كسورية ، فلا يهم أحداً ذلك !!

انني كمواطن ذاق ما ذاق من مرارة الكارثة وكأكثر أفراد الشعب السوري ، نتوجه الى مقام قيادة هذا البلد الصامدة ، والتي نحبها من أعماق قلوبنا ، أن لا بد من وضع نهاية لهذه الكارثة وبأسرع ما يمكن ، وبأي شكل . حتى لو كان الثمن نشوب حرب عالمية ، فأهون ألف مرة مما يكابده الشعب في سورية . ولتتغيير خريطة العالم بعد ذلك . لتنقلب البحور صحارى والصحارى بحوراً .. المهم ان ننتهي من هذه المأساة . لا بد من الزام الحلفاء بما تعهدوا به تجاه سورية ، والا فليذهبوا هم وتحالفهم الى الجحيم . لم نعد نريد خبزاً ولا مازوتاً ولا حبة دواء ، نريد انهاء هذه الكارثة وأياً كان الثمن !! ثم أين معاهدة الدفاع المشترك مع ايران ، ولماذا وقعت أساساً اذا كا المقصود منها التضامن النظري والقاء بيانات الاستنكار!!..ما الذي ننتظره بربكم ؟ هل ننتظر أن تباغتنا هذه العصابات المجرمة في قلب دمشق – لا سمح الله – لتملأ فروع بردى بدماء وجثث الأبرياء ، فقط لأننا في نظرهم كفار ، ولأن منا من هو سني وآخر علوي وثالث شيعي .. أو مسيحي ؟؟!!

لابد من وضع حد لما يجري ، ولتذق الشعوب المجاورة وحتى شعوب العالم ولو جزءاً من مرارة ما يجري ، والذي مانزال نتحمله نحن ، وندفع ثمنه ، وهم يتفرجون ..وعليَّ وعلى أعدائي .

سيريان تلغراف | إبراهيم فارس فارس

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كلامك صحيح مائة بالمائة . يجب اتخاذ اجراءات عاجلة لحسم الصراع بأي شكل .يجب ان تتحمل روسيا وايران المسؤولية الفعلية للمساعدة في ايجادحل ل
    وقف هذه المذبحة المروعة .. صحيح ان جيشنا البطل وشعبنا الوفي لن ينهزم ولكنها النار التي تحرق كل شيء كلما طال الزمن ولا بد من حل ، أياً كان هذا الحل وأياً كان الثمن .

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock