بلدنا اليوم

يبرود تطبق الشريعة الإسلامية على طريقة ” الثورة “.. ومسيحيوها يدفعون ” الجزية “

لم يكن مسيحيو مدينة يبرود؛ تلك المدينة التي تتبع لمنطقة القلمون في ريف دمشق، ليعتقدوا أنهم سيعودون في القرن الحادي والعشرين، وبعد سنين طويلة نعموا فيها بالأمان وحرية ممارسة شعائرهم الدينية، لدفع “الجزية” في ظل الربيع العربي!!!

قد يستغرب البعض هذه المعلومات، وقد يخرج أحد مسيحي الرابع عشر من آذار في لبنان أو جورج صبرا (أحد أعضاء مجلس اسطنبول المعارض) لينفي هذا الأمر، وفي حال اعترفت به قيادة ما يسمى بالجيش الحر في يبرود لخرجوا علينا يقولون أن مسيحيي سورية يشاركون في دعم “الثورة” من خلال تبرعات شهرية!!!

ولكن يأتينا أهالي يبرود من مسيحيتها وبعض المسلمين فيها بالخبر اليقين، ويشرحون لنا القصة الكاملة، فيحدثنا أحد أهالي يبرود (مسيحي) وهو الهارب منها بسبب ما لحقه من خسائر نتيجة السرقة والضرائب التي دفعها لمسلحي الجيش الحر سابقاً فقرر ترك مدينته وموطن أجداده والتوجه للعيش في دمشق؛ يقول “منذ تحول الحراك في المدينة إلى شكله المسلح بدأت معاناة أهلها من مسيحيين ومسلمين على حد سواء، فقد دفع الميسورون من أهالي يبرود ضريبة مرتفعة، لا لذنب اقترفوه بل لأن من حمل السلاح كان بلا أخلاق، حيث بدأ الأمر بالخطف وطلب فديات مرتفعة وصلت إلى 20 و25 مليون ليرة سورية (حوالي 300 ألف دولار أمريكي) وقد دفع الكثيرون من تجار يبرود مبالغ كبيرة لاستعادة أبنائهم من مسلحي الجيش الحر”.

يتابع “أنا خُطفت وطُلب من عائلتي أن يدفعوا مبلغ 10 ملايين ليرة وبعد المفاوضات المريرة قبلوا بـ 7 ملايين ليرة، وأفرجوا عني بعد أن اختطفوتي لمدة 12 يوم، ريثما قامت عائلتي بتأمين المبلغ، وبعد عودتي قررت ترك يبرود لأنني خسرت مالي ولم أعد أحس بالأمان في منزلي”.

ويخبرنا شاهدنا (الذي رفض ذكر اسمه أو حتى أن نذكر له اسماً مستعاراً حتى لا ينتقموا من شخص يحمل نفس الاسم)، “لست الوحيد الذي تم خطفي فهناك العشرات من أهالي يبرود بالإضافة إلى أشخاص كانوا يختطفونهم من الاوتستراد الدولي (حمص – دمشق) وإما يكتفون بسرقة السيارة أو يقومون بخطف من فيها ويطلبون من أهله الفدية”.

أما ما حصل في الشهرين الماضيين فهو الأخطر؛ حيث قام مسلحو الجيش الحر بمفاوضة بعض الوجهاء المسيحيين في المدينة وعلى رأسهم كهنتها، وطلب المسلحون مبالغ من المال تدفع شهرياً حتى يكفوا عن التعرض لممتلكات المسيحيين وأبنائهم، وقد اتفق الجانبان في النهاية على أن يدفع المسيحيون مبلغ مليون وستمائة ألف ليرة سورية على دفعتين بمعدل 800 ألف ليرة سورية كل 15 يوم.

أما المقابل الذي يحصل عليه من يدفعوا هذه الأموال فهو تعهد من قبل مسلحي “الجيش الحر” بعدم التعرض لممتلكاتهم أو نهب أموالهم أو خطف أبنائهم، طالما أن الكنيسة تتعهد بدفع المبلغ المتفق عليه في الموعد المحدد.

وعن سبب قبول المسيحيين بدفع هذه المبالغ يقول شاهدنا “لا يوجد تواجد لعناصر الشرطة أو الأمن في داخل المدينة وحتى لو وجدوا لا يستطيعون أن يهاجموا هؤلاء المسلحين أو وقفهم عند حدهم”.

“أما العمليات التي قام بها الجيش السوري أكثر من مرة فقد نجحت في قتل أعداد منهم، ليفروا بعدها إلى الجبال المتاخمة للمدينة ويعودوا متسللين بعد أن ينسحب الجيش، ويعاودوا عمليات الخطف والسلب والنهب”.

“أبو أسعد” الرجل الستيني (مسلم من أهالي يبرود) يقول “لم نشعر بيوم من الأيام أن هناك فرق بين مسيحي ومسلم في يبرود، بل شخصياً كان أصدقائي من المسيحيين أكثر من المسلمين، ولم نتوقع أن يخرج علينا في يوم من الأيام مجموعة من الزعران واللصوص ليعتدوا على إخوتهم من أبناء المدينة، ويخطفوهم ويسلبوهم أموالهم، ثم يجبروهم على دفع ضريبة شهرية مقابل الأمان، المسيحيون إخوتنا ولن نسمح لهؤلاء العملاء أن يعتدوا عليهم، المشكلة اليوم هي أنهم يملكون السلاح ونحن لا نملكه ولكننا نقف مع إخواننا المسيحيين ونفديهم بأرواحنا”.

ويختم الرجل الذي يتحدث وهو يسند يده إلى كتف جاره المسيحي “عشنا في المدينة دهوراً وسنعود كما كنا بعد أن نتخلص من هؤلاء المتوحشين الذين لا يعرفون من الإسلام شيئاً وهو براء منهم ومن أفعالهم”.

يذكر أن يبرود التي تبعد عن دمشق 80 كلم (شمال) تعتبر تاريخياً من أهم مواطن الإنسان القديم، كما ضمت أهم المعابد ودور العبادة في كل الحضارات التي مرت على المنطقة، حيث يقال أنها ضمت أكبر معبد للإله جوبيتير في المنطقة، وكانت مركزاً تجارياً وحضارياً مهماً في العصرين الروماني والبيزنطي، وتقف حتى اليوم كنيسة يبرود كأكبر وأهم الكنائس الأثرية في سورية..

ويشكل المسيحيين نسبة كبيرة من أهالي المدينة وقد كانوا سفراء للمدينة في سورية وخارجها فمنهم عدد من الفنانين والمفكرين بالإضافة إلى عدد كبير من التجار والصناعيين، ويفتخر أهالي يبرود بأن من أبنائها خرج رئيس لواحدة من أهم دول أمريكا الجنوبية (الأرجنتين).

سيريان تلغراف | عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock