تلغراف

ماذا يقول احد رجال الرئيس الراحل حافظ الاسد عن الازمة الحالية ؟ (2)

في الحلقة السابقة تحدث الضابط المتقاعد واحد اركان حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد عما اعتبره انصافا للتاريخ السياسي لسورية الحديثة من جهة ، وكلمة حق ولو مجروحة موجهة للرأي العام عن عهد الرئيس الذي يتوق الكثيرين لمعرفة اسرار مرحلة حكمه ومقارنتها مع العهد الحالي، وكان سؤالنا الاخير في الحلقة السابقة عن مقارنة محدثنا لنظم انتقال الحكم في اميركا وما قال الضابط المتقاعد انه الجوهر نفسه في اساليب السيطرة على رأي الجماهير وتوجهاتها واضاف: اذا كان البعض يلومنا على دور النقابات والامن والحزب في توجيه نتائج الانتخابات في بلادنا فأن الاميركيين يوجهون الرأي العام تحت تأثير السلطة الحاكمة ولكن وسيلتهم ليست الامن ولا النقابات بل الاعلام ولكن الجوهر والنتيجة واحدة . وما يقولون ان سورية لا تملكه ” الخيارات الديمقراطية” لا يملكونه هم لان احد لا يستطيع امتلاك القدرة على منافسة السلطات الاميركية ديمقراطيا فهي تملك ديكتاتورية المال والاعلام وبهما تسيطر على النتائج.

وتابع يقول:

من يملك الصحافة في أميركا يحدد اتجاهات الناس، ومن يملكها هناك هم أنفسهم مالكو القرار السياسي ومالكو المؤسسات الصناعات والبنوك الكبرى،أي أن من يملكها هو حزب السلطة الوحيد والشمولي وهو من يحكم وهو من يقرر اسم الرئيس.

لدينا في سورية قوة التوجيه الحزبي والنقابي والأمني ولديهم قوة التوجيه الإعلامي والمالي، وان احتاجوا تدخلت أشياء أخرى والدليل….. أن حزباً شيوعياً أميركياً ناشئا لم يشكل أي خطر على المؤسسة الحاكمة جرى قمعه في الولايات المتحدة بطريقة همجية يمكن أن يتعلم من قسوتها وظلمها ولا عدالتها كل الديكتاتوريين في العالم.

هل كان ماكارثي سورياً أو بعثياً؟

وهل استطاع حزب شيوعي في أوروبا الغربية الوصول إلى السلطة مع أنهم حصلوا في مرات عديدة على الأغلبية في الانتخابات،الأميركيون حرصوا على ضمان تزويرها من خلال آلياتهم الفاسدة ، خذ ايطاليا وفرنسا واليونان مثالا وستعرف عما أتحدث لأن تاريخ برلمانات هذه الدول كشفته مذكرات المخابرات يين الاميركيين في كتاباتهم العلنية.

س: لنعد إلى سورية ، واسمح لي أن اترك تأريخ مرحلة الرئيس حافظ الأسد سنة بعد سنة لمراحل لاحقة من المقابلات،وأرجو أن تجيبني على تساؤل يشغل بال الكثيرين ” ما هو وجه المقارنة بين تعامل الرئيس بشار الأسد مع الأزمة الحالية وبين تعامل والده الراحل مع مشكلة الإخوان المسلمين بين عامي 1976- 1983 ؟ بمعنى آخر، فأن الكثيرين من الموالين يتحسرون على زمنكم ويعتقدون أن الشدة التي استعملتموها مع الإخوان حفظت الاستقرار في سورية.

ج: لا يمكن مقارنة الرجلين (الرئيس السابق والرئيس الحالي) دون النظر إلى الظروف المحيطة بكل منهما، وبرأيي، لو كان الرئيس حافظ الأسد حياً في هذه المرحلة لما تصرف إلا كما تصرف الرئيس بشار الأسد.

أقول ذلك لا مجاملة ولا تملقاً فما تسمونه أنتم قسوة لم يبدأ إلا في العام 1980 وانتهى في العام 1983، في حين بدأت الأزمة في العام 1976، وتصاعدت في العام 1979، وبلغت ذروتها بين عامي 1979– 1981. في السنوات الأولى للأزمة كان أسلوب الرئيس الخالد (يقصد الراحل حافظ الأسد) هو الحوار حتى مع الإخوان.

لا بل إن هناك من العلماء المسلمين من نقل عنه قوله بعد حوار طويل معه (على ما اذكر حسن حبنكي) ” ليس كل الإخوان من القتلة” .

وكانت رحلات الوسطاء بيننا وبين قيادات اخوانية دولية من مصريين ولبنانيين (منهم فيصل مولوي وفتحي يكن) رحلات دائمة ،وبشكل متواتر.

 وكان الكثير من جهدنا منصبا على إقناع الوجهاء والقيادات الدينية على محاربة الإخوان المسلمين وفكرهم التكفيري الطائفي بالحوار وبالحسنى وبالجدال الفقهي. وفي أحيان كثيرة شاركنا كقيادات أمنية في حوارات تفسيرية مع قيادات دينية تميل إلى فكر الإخوان،حتى عند بدء التفجيرات والعمليات المسلحة الكبيرة لم نرد على القتلة بطريقة عنيفة بل بطريقة الاستيعاب.

حتى الرئيس الخالد رحمه الله قام بمبادرة منه في شباط – فبراير 1980، ومد اليد للحوار مع المارقين، وأرسل لهم عبر وسطاء عارضا عقدا سياسيا في البلاد يحفظها من الفتنة ويحقق المطالب التي قد يجدها الآخرون محقة لهم، وعمد لتأكيد محاولته الاستيعابية إلى الإذن لأحد المعروفين بانتمائهم إلى الإخوان المسلمين فدخل إلى السجون بنفسه، وأخرج خمسمائة من قياداتهم المتورطة بدعم الإرهاب، فما كان ردهم إلا مزيداً من الاغتيالات ومزيدا من التخريب.

س: أليس هذا ما فعله الرئيس بشار الأسد في الأزمة الحالية، حاورهم وأصدر العفو تلو الأخر ؟

ج: طبعاً، وهذا ما أحاول قوله . لقد أخذت محاولات الاستيعاب منا سنوات من العمل المستمر ولكن الارتهان للخارج والفكر الطائفي التكفيري الذي يتسم به تنظيم الإخوان المسلمين في سورية على وجه الخصوص جعل من المواجهة العنيفة امرأ حتميا، فقد وضعونا أمام خيارين: إما سورية وإما هم.

وكانوا منقسمين إلى ثلاثة أقسام لا يربط بينهم سوى علاقات كل منهم مع المخابرات الأميركية التي سخرت لهم حكومات عميلة لتساعدهم مثل الأردن وتركيا وعراق صدام حسين، والدول الثلاثة فتحت معسكرات تدريب لمصلحة الإخوان على أراضيها وقدمت السلاح والمعلومات الأمنية والمساعدات اللوجستية والمالية للأخونجية لمحاربتنا وكانت الفروع الثلاثة المنقسمة على نفسها، تتنافس فيما بينها على تكفيرنا وعلى تكفير بعضها بعضاً .

(فروع الإخوان كانت: جماعة التنظيم الدولي – حلب وتوابعها بقيادة عدنان سعد الدين والثاني بقيادة عصام العطار والثالث مخابراتي بحت يقال أن قائده الفعلي عدنان عقلة)

يتبع …

سيريان تلغراف | عربي برس

مواضيع ذات صلة :

ماذا يقول احد رجال الرئيس الراحل حافظ الاسد عن الازمة الحالية ؟  (الحلقة الأولى)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock