اقتصاد

ثمانية أزمات معيشية واجهها المواطن السوري خلال العام الماضي

اقتربت سلسلة الأزمات المعيشية من المواطن السوري مع بداية عام 2011، واستمرت إلى نهاية عام 2012، وإن كانت الأزمات التي مر بها السوريون خلال العامين المذكورين متقاربة إلى حد كبير من بعضها إلا أن أزمات عام 2012 كانت أكثر من حيث العدد وأشد من حيث الأثر.

بدأت أزمة الخبز مع توقف عمل 22 مطحنة في حلب خارج الخدمة بسبب الأحداث وانقطاع الكهرباء، وكذلك توقف مطحنتين في إدلب و3 في حمص وأخرى في دير الزور لتنخفض بذلك الطاقة الإنتاجية إلى النصف.

ووصل العجز في حلب إلى 1300 طن، علماً بأن حلب تنتج 5000 طن خبز وتغذي المحافظات الشرقية والشمالية الشرقية والجنوبية منها ما تسبب بخلق سوق سوداء على الخبز، وارتفاع سعر الربطة الخبز إلى 250 ل.س و100 في دمشق.

وكذلك ارتفاع سعر ربطة الخبز السياحي إلى 100 ل.س بحجة ارتفاع سعر دقيق “الزيرو” الخاص بالسياحي.

وبسبب العجز الحكومي وتأخره عن الحل، سارع القطاع الخاص لاستيراد ربطات الخبز من لبنان.

تلا ذلك خطوات حكومية لحل الأزمة بدأت باستيراد الدقيق وتشغيل الأفران الآلية والاحتياطية على مدار 24 ساعة وتشكيل لجنة في “وزارة الاقتصاد” لحل الأزمة، وليتقلص بذلك الازدحام على الأفران بنسبة مهمة وهذا ما نشط مجدداً عمل المطاعم ومحلات الوجبات الجاهزة التي عانت من أزمة نقص الخبز أيضاً.

ما زالت أزمة الغاز مع بداية عام 2013 تثقل كاهل المواطن الذي يعاني من نقص المادة وارتفاع سعرها منذ نحو عامين، مع بدء فرض العقوبات الأوروبية على الغاز المورد لسورية، وخاصة أن سورية لا تنتج حسب “وزارة النفط” أكثر من نصف حاجتها من الغاز المنزلي وتستورد ما تبقى من الخارج، بما يقدر بنحو 50 ألف طن سنوياً.

وفي سبيل تدارك الأزمة عمدت الحكومة في بداية عام 2012 إلى رفع سعر اسطوانة الغاز إلى 400 ل.س، بزيادة 60% عن السعر القديم والمحدد بـ250 ل.س، ثم عادت “وزارة الاقتصاد” لتخفض وزن الأسطوانة في منتصف عام 2012 مع الحفاظ على سعرها، إلا أن الإجراء لم ينفع بانحسار أزمة الغاز في سورية، حيث ارتفع سعر الجرة إلى 2000 ل.س وأكثر في السوق السوداء.

أما الجهات الرسمية فقد تقاذفت مسؤولية نقص الغاز فيما بينها، فمديرية التموين تؤكد أن “مؤسسة الغاز” مسؤولة عن جزء كبير من الأزمة بسبب عدم تعاونها، بينما حملت “شركة محروقات” جهات القطاع الخاص مسؤولية السمسرة بالغاز ورفع سعره.

مصادر في “شركة محروقات” قالت: “إن الاعتداء على سيارات التوزيع شدد من هذه الأزمة، حيث تم الاعتداء على 10 صهاريج لنقل الغاز في الحسكة والرقة ودير الزور، ومنذ أن فرضت العقوبات على توريد الغاز لسورية لم يصل سوى شحنتين من هذه المادة”.

وشهد عام 2012 ارتفاعين على سعر مادة المازوت بقرارين أصدرهما وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قدري جميل رفع بموجبهما سعر ليتر المازوت مرة من 20 إلى 23 ل.س وفي المرة الثانية وصل السعر إلى 25 ل.س لليتر، ما تسبب بارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية ووسائط النقل وأيضاً بارتفاع ليتر سعر المازوت في السوق السوداء إلى 100 ل.س لليتر في نهاية عام 2012، ما تسبب بخسارة الكثير من المنتجات الزراعية.

ورغم أن “جمعية حماية المستهلك” رأت بهذا الارتفاع عبئاً جديداً على المستهلك ولاسيما أن هذه المادة تدخل في صلب الإنتاج الزراعي والخدمي والنقل.

إلا أن المواطن بات يتمنى أشد التمني لو يجد من يبيعه ليتر المازوت بـ25 ل.س، لكن الذي حدث هو أنه صار يزاحم ساعات وأياماً طويلة في محطات الوقود ليحصل على الليتر بسعر 60 و80 وحتى 100 ل.س.

ورغم أن الحكومة أقرت توزيع 250 ليتر مازوت لكل عائلة في فصل الشتاء كدفعة أولى، إلا أن مدير عام “شركة محروقات” ناظم خداج أكد بأنه لن يتم توزيع مازوت التدفئة على المواطنين لأن النقص اليومي من هذه المادة يصل إلى 11 ألف متر مكعب يومياً بسبب العقوبات المفروضة على قطاع المازوت من ناحية وتعطل العمل في “مصفاة بانياس” من جهة ثانية.

ولم يأت الحل الحكومي إلا بوضع أولويات لتوزيع مادة المازوت، فالمخابز أولاً والمدارس والمشافي ثانياً، وقطاع النقل ثالثاً فيما لم يحظ مازوت التدفئة أهمية تذكر.

وامتدت موجة الانقطاعات الكهربائية متسببة بأزمة حقيقية في حياة السوريين ابتداءً من تعطل أعمالهم وورشاتهم وليس انتهاءً بارتباك معيشي يسببه البرد القاسي.

حيث وصلت فترة التقنين الكهربائي في بعض مدن ريف دمشق إلى 15 وأحياناً 17 ساعة، على حين تراوح التقنين في مناطق أخرى من 3 إلى 8 ساعات.

وعزت “وزارة الكهرباء” هذه الانقطاعات لاستهداف أعمدة وخزانات الكهرباء والاعتداء على خطوط الغاز في محافظة دير الزور والمغذية لعدد من معامل المعالجة.

وقد أكد وزير الكهرباء بأن ورشات الإصلاح والصيانة تمكنت من إصلاح كامل الأعطال والتخريب الذي لحق ببرج التوتر العالي في ريف دمشق، إلا أن الظلام مازال يخيم على بعض من المناطق.

وتسببت أزمة المازوت بأزمة نقل حادة بين المدن والمحافظات السورية، حيث امتنع العديد من سائقي الميكروباصات عن العمل ووصلت نسبة الذين تركوا المهنة إلى 75% حسب مصادر “محافظة ريف دمشق”، بينما قرر آخرون تحمل مشاق المهنة ولكن مع إشراك الركاب بتحمل تبعات استمرارهم بالعمل، حيث رفع جميع السائقين العاملين على خطوط دمشق وريفها تعرفة الركوب من تلقاء أنفسهم إلى الضعف وأكثر.

وبدا التعاطف الحكومي غير المعلن مع هؤلاء السائقين، فمصادر في “محافظتي دمشق وريفها” أكدت بحسب صحيفة “الوطن” أن السائقين يكابدون الأمرين في عملهم، وأن زيادة 5 ل.س لا تشكل عبئاً على المواطن.

ونفت المصادر وجود نقص في مادة المازوت بالنسبة لوسائل النقل بشكل خاص، مؤكدة أن السائقين يبيعون مخصصاتهم التي يستلمونها من محطات الوقود الحكومية بالسعر الرسمي في المحطات الخاصة بسعر مضاعف، لأن الربح الذي يتقاضونه جراء عملية البيع يغنيهم عن تشغيل مركباتهم.

والحقيقة أن أزمة النقل لم تطل وسائل نقل المواطنين فحسب بل طالت نقل البضائع الخاصة بالتجار والصناعيين.

ومع استمرار حركة النزوج بين الأحياء والمحافظات في عام 2012 وزيادة الطلب على العقارات في المناطق الأكثر أمناً، ارتفعت أسعار الإيجارات السكنية لحدود غير مسبوقة وبنسب لا تقل عن 60 إلى 65%.

فالنازحون زادوا من الطلب على العقارات التي فاقت قدراتهم المادية، فبات بعضهم في مراكز الإيواء وآخرون منهم اتجه نحو الحدائق فيما فضل فريق ثالث الاتجاه للفنادق الرخيصة المنتشرة في وسط دمشق والتي استغلت الفرصة بعد أزمة كساد طويلة مرت بها فخفضت الأجور بنسبة 30% لتشجيعهم على البقاء.

ثمانية أزمات معيشية واجهها المواطن السوري خلال العام الماضي

وطالت موجة ارتفاع الأسعار على مدى العامين الماضيين كل المواد الأساسية وغير الأساسية، وكان لهذه الارتفاعات أثرها الأكبر على لقمة المواطن السوري، ومن هنا أتت المحاولة الحكومية الأولى مع بداية عام 2012 على شكل إصدار نشرة تأشيرية يتم بموجبها تحديد أسعار السلع والمواد، إلا أن هذه النشرة قوبلت برفض التجار لها دون أن يجدوا سلطة تشريعية واحدة عليهم تجبرهم على الأسعار الجديدة.

وقد كان لارتفاع الأسعار أسباب بعضها مبرر كارتفاع سعر الدولار وتذبذبه المستمر وصعوبات في الاستيراد وفي تسديد البوالص وامتناع البنوك عن فتح الاعتمادات بأسماء السوريين حذراً من العقوبات وصعوبات أخرى تتعلق بارتفاع تكلفة النقل وزيادة أسعار المازوت وصعوبة الحصول عليه.

إضافة لأسباب غير مبررة لا يفسرها المستهلك إلا بجشع التجار الذين يبيعون بضائعهم التي اشتروها قبل ارتفاع سعر الدولار بسعره الجديد، والذين يرفعون أسعار السلع المنتجة محلياً وغير المستوردة.

فيما يعتبر التجار أنفسهم وسط هذه الحلقة بأنهم غير مسؤولين عن ارتفاعات الأسعار فالسوق يحكمه أولاً العرض والطلب.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock